دخل البرغوث الإلكتروني عالم الجاسوسية والمخابرات بقوته ودقته المتناهية وأثبت نجاحا كبيرا في الحصول على المعلومات المطلوبة ونقلها بسرعة مذهلة، كما يستطيع البرغوث الجاسوس الذي يصعب اكتشافه الحصول على معلومات لم تكن تستطيع الأجهزة المخابراتية الوصول إليها كتحليل الحالة النفسية للأشخاص المطلوب التجسس عليهم وخاصة الرؤساء.
ومنذ أول اكتشاف لهذا البرغوث في ألمانيا عام 1997م وكان عبارة عن مرسل صغير حيث أشار إليه العالم الألماني ايرش شميدت ابينوم و أعلن ايرش أن استخدام مرسل بالغ الصغر يمكن تركيبه في أي كمبيوتر يستطيع ان يرسل ما هو موجود في هذه الكمبيوترات إلى الأقمار الصناعية خلال جزء من الثانية وذلك بزراعته سواء في وحدة المعالجة المركزية أو ما يطلق عليه لوحة الرقائق Cup او في إحدى الرقائق الموجودة في اللوحة، و قد تسلمت الموساد هذه التكنولوجيا المتقدمة المسماة (بروميس) من المخابرات الأمريكية التي قامت بدورها بزرعها في الكمبيوترات التي تباع إلى البلدان العربية ومن ثم استطاع الكيان الصهيوني الاطلاع على محتويات هذه الكمبيوترات بتعاون الجهازين الاستخبارين ونشر هذا الجاسوس الإلكتروني له ثلاثة أهداف هي الاطلاع على أرشيف أجهزة الشرطة والاستخبارات والجيش ومراقبة المؤسسات المالية وأخيرا متابعة البرامج النووية في العالم، وكانت الأردن أولى الدول العربية التي تمت فيها تجربة هذا الجاسوس الإلكتروني لكونها أكثر الأجهزة الأمنية العربية امتلاكا لملفات عن الفلسطينيين، وقد تم تسليم برنامج (بروميس) إلى المخابرات الأردنية العسكرية مع مجموعة من كمبيوترات شركة (أي . بي . أم ) عن طريق ( شركة هادرون) التي كانت قد حصلت على تركيب نظام اتصالات للسلام الجوي الأردني منذ عام 1981، وبالرغم من وجود خيط سري يصل الكمبيوتر بخط هاتف شقة بعمان يسكنها جاسوس صهيوني كان يقوم بجميع المعلومات و نقلها إلى الكيان الصهيوني إلا أنه لم يكتشفه احد وكان ذلك عام 1982 حيث كان جهاز الكمبيوتر في حجم الثلاجة، وبعد التطور التكنولوجي الهائل لم تعد ثمة حاجة إلى مد خط تليفوني بل تم استخدام وسائل أكثر تطوراً حيث يجرى تزويد الكمبيوتر ( ببرغوث إلكتروني ) أو البرغوث الذكي وهو يقوم بسحب المعلومات والاسرار من أي مكان في العالم عن طريق محطات التقاط ومنها الى الأقمار الصناعية وأخيراً الى قواعد التحليل التابعة للمخابرات الأمريكية والموساد، وأكد احد اعضاء مخابرات الجيش الأمريكى ان شركة( اورام تريدنج ) قامت ببيع ( بروميس ) الى كل من مصر وسوريا وباكستان والعراق والكويت وايران و تركيا ولم يتم اكتشاف هذا البرنامج اوالبرغوث منذ عام 1981 بداية استخدامه الا في عام 1993 على يد المخابرات الفرنسية التي اكتشفتها مزروعا في كمبيوتر منظمة تحرير فلسطين وبالتحديد في مكتب ابو مازن اثناء وجوده في تونس حيث كان ينقل المعلومات اولاً بأول.
التجسس الفرويدى واستخدمت المخابرات الأمريكية ايضا علماء النفس واخصائيين نفسيين لتحليل المعلومات الخام وتحليلها لمعرفة الحالة النفسية لرؤساء العرب الذي كان من بينهم العقيد معمر القذافي التي كانت حالته النفسية اهم ما يشغل المخابرات الأمريكية خاصة اثناء توتر العلاقات الليبية الأمريكية وهو ما يعرف في اوساط المخابرات باسم التجسس الفرويدي، وقد توصلت المخابرات الى ان القذافي امتص بشكل مبالغ فيه الخصائص البدوية كالتعصب الديني والاحساس الحاد بالكرامة والتقشف وكراهية الأجانب والحساسية تجاه الاهانات بسبب الظروف التي تعرض لها في بداية حياته خلال سنوات دراسته الأولى من اضطهاد اهل المدينة التي خلقت لديه نوعاً من النفور من النخبة ولعل معرفة الحالة النفسية والصحية ليس جديداً على عمل المخابرات الأمريكية فقد كان رجل المخابرات (مايلزكوبلاند) منوطاً بجمع المعلومات عن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وذلك بتكليف من الأطباء النفسيين والعاديين التابعين للمخابرات الأمريكية ويذكر (كوبلاند) في احدى تقاريره في بداية الستينيات ان عبد الناصر مازال يتمتع بكامل قواه العقلية، كما ان شخصيته مازالت قوية بالدرجة التي تجعله يتحمل ضغط التملق والمراهنة والولاء المزيف وقد وصف احد تقارير«س. اي. ايه» السادات بأنه يصاب بنوبات من القلق العصبي الشديد، وسواء كانت المعلومات الصحية والنفسية صحيحة ام لا الا انها كانت تلعب دوراً كبيراً في رسم سياسة الولايات المتحدة حيث يذكر «كوبلاند» في كتابه (لعبة الأمم) انه بعد وصول المعلومات الى رجال المخابرات يتقمص كل شخص منهم شخصية احد الرؤساء وفقا لتقارير الحالتين النفسية والصحية، ويبدأ في التفكير بدلا منه، وقد كان كوبلاند يتقمص شخصية الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في اجتماعات المخابرات المعروفة باسم (لعبة الأمم) من 1955 الى 1957 إلا انه فشل في التنبؤ بقيام عبدالناصر بتأميم قناة السويس في حالة امتناع البنك الدولي بتمويل السد العالي .
التجسس على الأصدقاء
كان شاه ايران ايضاً من بين الرؤساء المتجسس على حالتهم الصحية بعد قدومه الى الولايات المتحدة الأمريكية للعلاج بعد اندلاع الثورة الايرانية، وقبل بدء عملية احتجاز الرهائن الايرانيين في طهران ضمن السياسة الأمريكية (التجسس على الأصدقاء) حيث طلب البيت الأبيض من المخابرات الأمريكية وضع اجهزة تنصت في غرفة الشاه المصاب بالسرطان فاعترضت المخابرات على أساس تمتعه بنفس حقوق المواطن الأمريكي، فأصدر الرئيس الأمريكي قراراً كتابياً بالتجسس، وتم زرع اجهزة الكترونية داخل جناح الشاه في احد مستشفيات نيويورك، ويبدو انه بناءً على نتائج التجسس قامت الادارة بطرد الصديق الشاه والبحث عن طريق آخر للتعامل مع الثورة الإيرانية .
الأبواب الخلفية
وللتجسس الامريكي باب خلفي هو البحث العلمي ففي مصر 40 مؤسسة بحثية امريكية توغلت في المجتمع المصري وعملها الظاهر الابحاث العلمية والحقيقي جمع معلومات مهمة عن المجتمع المصري بهدف تشريحه سياسياً واقتصاديا واجتماعيا لمعرفة نقاط القوة والضعف واستغلال ذلك لمصالحهم كترويج افكار معينة او تغيير سلوكيات وتقاليد، وهذا يحدث في الدول العربية .
ومن الأمثلة الفاضحة ان نتيجة للبحوث الدقيقة التي اجرتها امريكا عن انتاج واستهلاك القمح بمصر استطاعت وبضغوط سياسية ان توقف تنفيذ خطة مصرية سودانية لزراعة مليوني فدان من اراضي الجزيرة بالسودان قمحاً بتمويل خليجي وكان الهدف من هذه الخطة تحقيق الاكتفاء الذاتي بين البلدين والتصدير للدول العربية ومن امثلة مراكز البحوث الامريكية القابعة في قفص الاتهام مؤسسات فورد، وفورد فونديش، وهيئة A.D ومؤسسة EBIK بالاضافة الى عدد من المؤسسات الموجودة بالولايات المتحدة، وتقوم بتمويل المؤسسات في الوضع العربي كالوكالة الامريكية للتنمية التي تتبع الكونجرس الامريكي وتنفق 10 ملايين دولار سنوياً على برنامج مبادرة الديمقراطية لتمويل وكالات استشارية وحلقات دراسية وأوراق بحثية لجمع معلومات عن الاحزاب والانتخابات والاتحادات والنقابات العمالية، بجانب الهيئة القبطية الانجيلية والمسجلة في مقدمة المستحقين للمعونات الامريكية.. وتمارس هذه المؤسسات عملها عن طريق توظيف القيادات البيروقراطية لتكون اداة طيعة في يدها، بجانب استغلال الجماعات وبعض الوزارات والمراكز السياسية والاستراتيجية المعروفة بميولها الغربية الى جانب القيادات الإعلامية والصحفية لتأثيرها الكبير في الرأي العام.
طبعا منقول للفائدة
تحياتي