موضوع: اهل البيت عليهم السلام في السنة النبوية الخميس أبريل 10, 2008 7:03 pm
أهل البيت عليهم السلام في السنة النبوية من يستقرئ سنة رسول الله (ص) و سيرته العملية و علاقته بأهل بيته الذين نص عليهم القرآن و عرفهم هو (ص) ، (علي و فاطمة و ابناهما) (1) يعرف أن لأهل هذا البيت دورا و مسؤولية رسالية و حضارية فريدة في تاريخ هذه الامة،كان رسول الله (ص) يخطط لها،و يعد الامة لتقبلها بأمر من الله سبحانه.
بدأ ذلك الفصل المضيء من التخطيط النبوي بأمر الله سبحانه لرسوله (ص) بتزويجه فاطمة (ع) للإمام علي بن أبي طالب (ع) ،و لغرس هذه الشجرة المباركة،و لتمتد فروعها في آفاق هذه الامة عبر مسيرة تاريخها.
قال النبي (ص) لعلي (ع) حين زوجه فاطمة (ع) :
«إن الله أمرني أن ازوجك فاطمة على أربعمائة مثقال فضة إن رضيت بذلك،فقال:قد رضيت بذلك يا رسول الله.قال أنس بن مالك:فقال النبي (ص) :جمع الله شملكما،و أسعد جدكما،و بارك عليكما،و أخرج منكما كثيرا طيبا،قال أنس:فو الله لقد أخرج الله منهما الكثير الطيب» (2) .
و روي أن النبي (ص) لما زوج فاطمة عليا (ع) دخل عليها و دعا بها،فأتته امأيمن بقعب فيه ماء فمج فيه،ثم أنضح على رأسها و بين ثدييها و قال:
«اللهم إني أعيذها بك و ذريتها من الشيطان الرجيم،ثم قال لعلي:آتني بماء،فأتاه به فنضح منه على رأسه،و بين كتفيه،و قال:اللهم إني أعيذه بك و ذريته من الشيطان الرجيم».
و في رواية فدعاء بماء فتوضأ ثم أفرغه على علي و فاطمة،و قال:
«اللهم بارك لهما في نسلهما» (3) .
و قد كان رسول الله (ص) يعتذر عن تزويج فاطمة كلما خطبها أحد من الصحابة و يقول:
«لم ينزل القضاء بعد» (4) .
إن هذه العناية الإلهية و النبوية بتزويج فاطمة من علي،فلا يتم الزواج إلا بأمر من الله لتدل دلالة واضحة على مكانة أهل البيت (ع) ،و ما كان يستهدف الرسول (ص) من وراء علاقته بهم من خير لهذه الامة،المكانة التي فسرها القرآن الكريمـبآياته الواردة فيهمـو السنة النبوية الشريفة فيما بعد.
و لعل فيما نقتبس و نعرض من روايات و أحاديث عن رسول الله (ص) في أهل البيتـو هي كثيرةـيوصلنا إلى اكتشاف العمق و الغاية من هذه العناية الإلهية و النبوية في بناء هذا البيت،و إسباغ الحب و البركات و العناية عليه،ليكون أهل هذا البيت دليلا للامة في حيرتها،و سببا لنجاتها في محنتها،و نظاما و محورا لوحدتها في تفرقها،كما نصتـالروايات و الأحاديث على ذلك.
إن الرسول يضيف ذرية علي و فاطمة لنفسه،و يقول:إنهم ذريتي و أبنائي،كما أوضح القرآن بذلك بقوله: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءكم و نساءنا و نساءكم و أنفسنا و أنفسكم) .
فكان أبناؤه المعنيون في هذه الآية هم الحسن و الحسين كما عرفنا من أقوال المفسرين و أصحاب السير.
و قد أكد (ص) هذا المعنى مرات عديدة لامته،نذكر منها قوله (ص) :
«إن الله جعل ذرية كل نبي في صلبه،و جعل ذريتي في صلب هذا،يعني عليا» (5) .
و كان (ص) يحتضن الحسن و الحسين و يقول:
«كل ولد أب فإن عصبتهم لأبيهم،ما خلا ولد فاطمة فإني أنا أبوهم و عصبتهم»،أخرجه أحمد في المناقب (6) .
و كان الرسول الكريم (ص) في كل مناسبة يؤكد مقام أهل البيت (ع) لترجع الامة إليهم،و تلتزم بمنهجهم،و تتمسك بحبهم.
و في روايات عديدة عن رسول الله (ص) نجد أن أهل البيت هم المنجاة لهذه الامة،و أن رسول الله (ص) يقرنهم بكتاب الله و يجعل دورهم العقائدي و الرسالي في هذه الأمة ملازما لكتاب الله،لا ينفك عنه،لتتجه الامة إليهم في فهم القرآن الكريم،و استنباط معانيه و أحكامه .
و قد حفلت كتب الروايات و السير بالنص النبوي الكريم الذي سمي بحديث (الثقلين) ،و رواه المسلمون بمختلف مذاهبهم السياسية و الفقهية،و فيما يلي نذكره،و نذكر بعض أسانيده:
1ـحديث الثقلين:
«إني اوشك أن ادعى فاجيب،و إني تارك فيكم الثقلين:كتاب الله عز و جل،و عترتي،كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض،و عترتي أهل بيتي،و إن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا،حتى يردا علي الحوض،فانظروا بم تخلفوني فيهما» (7) .
و نقل الشبراوي الشافعي في كتابه (الإتحاف بحب الأشراف) :
«و أخرج مسلم و الترمذي و حسنه،و الحاكم،و اللفظ لمسلم عن زيد بن أرقم (رض) ،قال:قام فينا رسول الله (ص) خطيبا،فحمد الله،و أثنى عليه ثم قال:
(أما بعد أيها الناس،إنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فاجيب،و إني تارك فيكم الثقلين :أولهما كتاب الله،فيه الهدى و النور،فخذوا بكتاب الله،و استمسكوا به) .
ثم قال: (و أهل بيتي،اذكركم الله في أهل بيتي) » ( .
ثم نقل أيضا:«و في رواية:إني تارك فيكم أمرين لن تضلوا إن اتبعتموهما،كتاب الله و أهل بيتي،و في رواية:لن يفترقا حتى يردا علي الحوض،فانظروا كيف تخلفوني فيهما» (9) .ثم ذكر أيضا:«قال ابن حجر في الصواعق:سمى النبي (ص) القرآن و العترة ثقلين،لأن الثقل كل نفس خطير مضمنون به،و هذان كذلك إذ كل منهما معدن للعلوم الدينية و الأسرار العقلية الشرعية،و لهذا حث على الاقتداء بهما.
و قيل سميا ثقلين لثقل وجوب رعاية حقوقهما،ثم الذي وقع عليه الحث منهم إنما هم العارفون بكتاب الله و المستمسكون بسنة رسوله،إذ هم الذين لا يفارقون الكتاب إلى الحوض» (10) .
و نقل العلامة الشيخ محمد جواد البلاغي في تفسيره (آلاء الرحمن في تفسير القرآن) ما نصه:
«و ذلك كحديث الثقلين المتواتر القطعي الذي ذكره إخواننا من أهل السنة في كتبهم و أوردوا روايته عن الصحابة الذين سمعوه من رسول الله (ص) :
(إني تارك فيكم الثقلين أو الخليفتين كتاب الله و عترتي أهل بيتي ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا أبدا،فإنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض) .
و هاك أسماء الصحابة السامعين لهذا الحديث عن رسول الله (ص) :
1ـعلي (ع) أمير المؤمنين.2ـعبد الله بن عباس.3ـأبوذر الغفاري.4ـجابر الأنصاري.5ـعبد الله بن عمر.6ـحذيفة بن أسيد.7ـزيد بن أرقم.8ـعبد الرحمن بن عوف.9ـضمرة الأسلمي.10ـعامر بن أبي ليلى.11ـأبو رافع.12ـأبو هريرة.13ـعبد الله بن حنطب.14ـزيد بن ثابت.15ـام سلمة .16ـام هاني أخت أمير المؤمنين علي (ع) .17ـخزيمة بن ثابت.18ـسهل بن سعد.19ـعدي بن حاتم .20ـعقبة بن عامر.21ـأبو أيوب الأنصاري.22ـأبو سعيد الخدري.23ـأبو شريح الخزاعي.24ـأبو قدامة الأنصاري.25ـأبو ليلى.26ـأبو الهيثم بن التيهان.و هؤلاء هم الذين ذكرنا أسماءهم من بعد ام هاني،قد رواه كل منهم منفردا كمن تقدمه،و قاموا في رحبة الكوفة مع سبعة من قريش فشهدوا أنهم سمعوه من رسول الله (ص) ،فهؤلاء ثلاثة و ثلاثون.
و رواه أبو نعيم الأصفهاني في كتاب منقبة المطهرين مسندا عن جبير بن مطعم،و أسنده أيضا عن أنس بن مالك و عن البراء بن عازب،و رواه موفق بن أحمد أخطب خوارزم عن عمرو بن العاص .
و قل ما يخلو من رواية هذا الحديث مسند أو جامع أو كتاب في الفضائل لأهل السنة،من أول ما أخرج الحديث من الحفظ و صدور الحفاظ إلى صحف المحدثين،و لا زال يروى فيها عن صحابي واحد أو أكثر،و ربما روي في واحد منها عن أكثر من عشرين صحابيا،إما مجملا كما في الصواعق،و إما مسندا مفصلا كما في كتب السخاوي و السيوطي و السمهودي و غيرهم».
ثم قال:
«رواه الإمامية في كتبهم بأسانيدهم المتكررة عن الباقر (ع) ،و الرضا (ع) ،و الكاظم (ع) ،و الصادق (ع) ،عن آبائهم عن رسول الله (ص) ،و بالأسانيد الاخر عن أمير المؤمنين (ع) ،و عمر،و ابي،و جابر،و أبي سعيد،و زيد بن أرقم،و زيد بن ثابت،و حذيفة بن أسيد،و أبي هريرة،و غيرهم عن رسول الله (ص) » (11) .و في مسند أحمد بن حنبل،روى بسنده عن أبي سعيد الخدري عن النبي (ص) :«إني اوشك أن ادعى فاجيب،و إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله عز و جل و عترتي،كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض،و عترتي أهل بيتي،و أن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض،فانظروا بم تخلفوني فيهما» (12) .
و هكذا نجد هذا التواتر اللفظي و المعنوي في نقل هذه الرواية التي تقرن أهل البيت (ع) بكتاب الله.من ذلك يفهم المسلمون أن أهل البيت (ع) هم المرجع بعد كتاب الله و هم الأمناء عليه حتى يردا الحوض.
2ـحديث السفينة: و إذا كان حديث الثقلين قد جعل أهل البيت (ع) عدلا للقرآن لما لهم من وظيفة بيان القرآن و الكشف عن غوامضه و أسراره و محتواه و الحفاظ عليه،فإن حديث السفينة يوضح للامة أن أهل البيت (ع) هم سفينة النجاة،و مصدر الخلاص لهذه الامة بعد رسول الله (ص) ،لذا فإن عدم الالتحاق بهذه السفينة،و عدم الركوب فيها سيقود المتخلفين عنها إلى الغرق و الهلاك،فإن التخلف عنهم تخلف عن القادة إلى شاطئ الهدى و النجاة.
نقل الشبراوي الشافعي عن رافع مولى أبي ذر،قال:
«صعد أبو ذر (رض) على عتبة باب الكعبة و أخذ بحلقة الباب و استظهره إليه،و قال:أيها الناس من عرفني فقد عرفني،و من أنكرني فأنا أبو ذر،سمعت رسول الله (ص) يقول:
(أهل بيتي مثل سفينة نوح،من ركبها نجا،و من تخلف عنها زج في النار) .
و سمعت رسول الله يقول:
(إجعلوا آل بيتي منكم مكان الرأس من الجسد،و مكان العينين من الرأس،فإنالجسد لا يهتدي إلا بالرأس،و لا يهتدي الرأس إلا بالعينين) » (13) .
و روى أبو نعيم (14) بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس،قال:«قال رسول الله (ص) :
(مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح،من ركبها نجا،و من تخلف عنها غرق) » (15) .
روى بسنده عن أنس بن مالك،قال:قال رسول الله (ص) :
«إنما مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح،من ركبها نجا،و من تخلف عنها غرق» (16) .
و رواه السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير قوله تعالى:
« (و إذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا و ادخلوا الباب سجدا و قولوا حطة نغفر لكم خطاياكم) (البقرة/58)
قال:و أخرج ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب (ع) ،قال:
(إنما مثلنا في هذه الامة كسفينة نوح و كباب حطة) » (17) .و رواه المتقي في كنز العمال (ج 6/ص 216) ،و لفظه:
«مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح،من ركب فيها نجا،و من تخلف عنها هلك،و مثل باب حطة في بنى إسرائيل،و قال:أخرجه الطبراني عن أبي ذر» (18) .
تعليقات:
1ـرواه الطبراني في المعجم الكبير (مسند الإمام الحسن (ع) ) /ج 1/ص 125«نسخة مخطوطة بالمكتبة الظاهرية بدمشق»،و نقله بالنص ذاته عن الطبراني الهيثمي في مجمع الزوائد/ج 9/ص 168،و ذكره أيضا الطبري في ذخائره/ص 25،و قال عنه:أخرجه أحمد في المناقب و ذكره السيوطي في إحياء الميت عقيب تفسيره لسورة قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى .إذا قالوا:يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم،قال (ص) :«علي و فاطمة و ولداهما»،كما ذكره ابن الصباغ المالكي/الفصول المهمة في أحوال الأئمة/ص .29
2ـمحب الدين الطبري/ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى/ص .30
3ـعبد الله بن محمد بن عامر الشبراوي الشافعي/الاتحاف بحب الاشراف/ص 21/المطبعة الأدبية بمصر.
4ـمحب الدين الطبري/ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى/ص .30
5ـالطبري/ذخائر العقبى/ص .67
6ـو قد أورد هذا الحديث مع اختلاف يسير في لفظه الطبراني في المعجم الكبير/ج 1/ص 24«نسخة مخطوطة»،و ذكره أيضا المتقي في كنز العمال/ج 6/ص 220،و المحب الطبري في ذخائر العقبى/ص 121،و السيوطي في احياء الميت/ص 29 بهذا اللفظ:«أخرج الطبراني عن عمر،قال رسول الله (ص) :كل بني انثى فإن عصبتهم لأبيهم،ما خلا ولد فاطمة،فإني عصبتهم و أنا أبوهم».
7ـحديث الثقلين رواه الترمذي في صحيحه (مناقب أهل البيت) /ج 2/ص 380،بسنده عن زيد بن أرقم،و قال في آخر الحديث:هذا حديث حسن غريب.و أخرجه الحاكم في مستدرك الصحيحين/ج 3/ص 109،مروي بسنده عن زيد بن أرقم أيضا،و ذكره أحمد بن حنبل في مسنده مرفوعا عن أبي سعيد الخدري/ج 3/ص 17،كما رواه الطبراني في المعجم الكبير/ج 1/ص 129«نسخة مخطوطة»،نقله المحب الطبري في ذخائره عن أحمد/ص .16
8ـالشبراوي الشافعي/الاتحاف بحب الاشراف/ص .22
9ـالمصدر السابق.
10ـالمصدر السابق/ص 22ـ .23
11ـالبلاغي/آلاء الرحمن/ص .44
و نقل العلامة الفيروز آبادي:أن حديث الثقلين رواه مسلم في صحيحه،و أحمد بن حنبل في مسنده/ج 4/ص 366،و البيهقي في سننه/ج 2/ص 148،و ج 7/ص 30،و رواه الدارمي في سننه/ج 2/ص 431،و المتقي في كنز العمال/ج 1/ص 45 و ج 7/ص 102،و رواه الطحاوي في مشكل الآثار/ج 4/ص 368،و رواه الترمذي في صحيحه/ج 2/ص 308،و رواه ابن الأثير الجزري في اسد الغابة/ج 2/ص 12،و رواه السيوطي في الدر المنثور في ذيل تفسير آية المودة في سورة الشورى،و روي في مستدرك الصحيحين/ج 3/ص 109،و رواه النسائي في خصائصه/ص 21،و في مستدرك الصحيحين أيضا/ج 3/ص .148
14ـأبو نعيم/حلية الأولياء/ج 4/ص 306،نقلا عن الفيروز آبادي/فضائل الخمسة من الصحاح الستة/ج 2/ص 64،ذكره ابن حجر في زوائد مسند البزار/باب أهل البيت و الأزواج/ص 277،و نقله الهيثمي عن ابن البزار في مجمع الزوائد/ج 9/ص 163،كما رواه الطبراني في المعجم الكبير/ج 1/ص 125/ (مسند الإمام الحسن (ع) ) في نسخة مخطوطة بالظاهرية بدمشق،و رواه المحب الطبري،في ذخائره/ص 20،و رواه الحاكم في المستدرك مع زيادة في ألفاظه/ج 2/ص 343،و نقله المتقي في كنز العمال/ج 6/ص .216
15ـروى هذا الحديث الحاكم في مستدرك الصحيحين/ج 2/ص 343،و قال:هذا الحديث صحيح على شرط مسلم،و رواه المتقي في كنز العمال/ج 6/ص 216،و الهيثمي في مجمعه/ج 9/ص 168،و رواه محب الدين الطبري في ذخائره/ص 20،و رواه الخطيب البغدادي في تاريخه/ج 12/ص .19