بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل و سلم على محمد و ال محمد
يشتاق اللاجئون إلى وطنهم. لم تؤثر سنين الخروج عليهم، على الرغم من أنّ كثيرين منهم لم يولدوا فيها، ولكن يبقى للزيتون طعم فلسطين، وإن كانت البداية في مخيّم الشتات. لا يهمّ، اللاجئ، وخصوصاً الفلسطيني، يحتفظ بالرابط مع أرضه، ولو كان «شتلة زعتر» كتلك التي أحضرها أمس معه إلى قصر الأونيسكو رئيس إحدى اللجان الفلسطينيّة الثقافيّة في الشتات، محمود دكور. كان من المفترض أن يكون حفل الأمس تكريماً لخمسةٍ من المناضلين الفلسطينيين، ولكن كيس دكور ــ أحد المكرّمين ــ الذي حمل فيه من زوايا فلسطين «تراث ما قبل النكبة»، أشعل الحماسة في «اللاجئين» الحاضرين الذين استعادوا في تلك الأغراض من زعتر وزيتون وأساور وتراب تفاصيل أرضٍ عاشوا فيها أو سمعوا عنها، فحوّلوا التكريم من 5 إلى كلّ «مؤمنٍ بالقضيّة... ورمل الوطن».
لن يكون هؤلاء الخمسة هم من يُكرّمون فقط، ولكن كان لا بدّ من البدء بمناضلين يمثّلون جزءاً لا بأس به ممّن يشبههم من المثقّفين والفنّانين والمؤمنين بـ«الذاكرة الشعبيّة الفلسطينيّة»، وكان الخيار على ابنة حيفا رئيسة جمعيّة إنعاش المخيّمات هيفا بيبي والمسؤولة عن بعض مشاغل التطريز في المخيّمات، شيخة شحرور و«جامع تراث الشعب الفلسطيني» محمود دكور و«ذاكرة فلسطين الأدبية والشعريّة» حسين لوباني والموسيقار والرسّام الراحل فضّول عودة.
جرى أمس الحفل الأخير لفلسطين في نيسان، الذي نظّمته الحملة الأهليّة لإحياء الذكرى الستّين للنكبة ويوم الأرض تحت عنوان «معاً من أجل الحقوق والعودة»، على أن تليه نشاطات ترفيهيّة وثقافيّة ومخيّمات تدريبيّة وورش عمل تستمرّ حتّى أواخر العام.
وخلال الحفل، ألقت مديرة دائرة شؤون اللاجئين في منظّمة التحرير الفلسطينيّة وعضو المجلس الوطني الفلسطيني سميرة صلاح كلمة استرجعت فيها مجازر النكبة وما بعدها «من دير ياسين وكفرقاسم وصبرا وشاتيلا إلى جنين ومجازر غزّة المستمرّة، على مرأى العالم أجمع ومسمعه». واسترجعت معها حقيقة «شعبٍ مقاوم بالبندقيّة والحجر، بالإبرة والمطرّزات والفولكلور الشعبي للحفاظ على تاريخ فلسطين وثقافتها وحضارتها، فمن لا تاريخ له، لا حضارة له ولا مستقبل».
وكلمة أخرى للممثّل السابق لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة في لبنان، شفيق الحوت، شدّد فيها على أهمّية الثقافة التي تُعَدّ أهم معالم مبرّرات الحياة، داعياً إلى النضال من أجل استعادتها ممن يغتصبها في كلّ لحظة، وإلى التشبّث ببعض ما بقي منها لكي يكمل جيل ما بعد النكبة الرسالة التي بدأها من عايشوا النكبة.
أقامت اللجنة الشبابيّة في الحملة حفلاً موسيقيّاً مستوحى من الفولكلور الفلسطيني، تضمن عروضاً لفرق: الاستقلال للغناء وجفرا للدبكة والنادي الثقافي الفلسطيني في الجامعة الأميركيّة ومركز أحلامنا وعشّاق الأقصى الآتية من مخيّم البارد، وأمل كعوش وفرقة هدنة.