قال لابنه:
يابني إنك منذسقطت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الآخرة
فدار أنت إليها تسير أقرب إليك من دارأنت عنهامتباعد
يا بني جالس العلماء وازحمهم بركبتيك،
ولا تجادلهم فيمنعوك،
وخذ من الدنيا بلاغا،
ولا ترفضها فتكون عيالا على الناس،
ولاتدخل فيها دخولا يضربآخرتك،
وصم صوما يقطع شهوتك، ولاتصم صياما يمنعك من الصلاة
فإن الصلاة أحب إلى الله من الصيام
يابني إن الدنيا بحرعميق
قدهلك فيها عالم كثير
فاجعل سفينتك فيها الايمان
واجعل شراعها التوكل
واجعل زادك فيها تقوى الله
فإن نجوت فبرحمة الله
وإن هلكت فبذنوبك
يابني إن تأدبت صغيراً انتفعت به كبيراً
ومن عنى بالأدب اهتم به
ومن اهتم به تكلف علمه
ومن تكلف علمه اشتد له طلبه
ومن اشتد له طلبه أدرك منفعته فاتخذه عادة،
فإنك تخلف في سلفك،
وتنفع به من خلفك
ويرتجيك فيه راغب،
ويخشى صولتك راهب،
وإياك والكسل عنه بالطلب لغيره
فإن غلبت على الدنيا فلا تغلبن على الآخرة،
فإذا فاتك طلب العلم في مظانه فقد غلبت على الآخرة،
واجعل في أيامك ولياليك وساعات كلنفسك نصيباً فيطلب العلم،
فإن فاتك لم تجد له تضييعا أشد من تركه،
ولاتمارين فيه لجوجا،
ولا تجادلن فقيها،
ولاتعادين سلطانا،
ولاتماشين ظلوما،
ولا تصادقنه،
ولا تؤاخين فاسقا،
ولا تصاحبن متهما،
واخزن علمك كما تخزن ورقك.